فصل: تفسير الآية رقم (58):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (58):

{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
(58)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يُبَلِّغَ المُؤْمِنِينَ، بِأَنَّهُ يَحُقُّ لَهُمْ أَنْ يَفْرَحُوا بِفَضْلِ اللهِ عَلَيْهِمْ، وَبِنِعْمَةِ الإِيمَانِ، وَبِالرَّحْمَةِ الخَاصَّةِ بِهِمْ، وَبِمَا جَاءَهُمْ مِنَ الهُدَى وَدِينِ الحَقِّ، فَذَلِكَ أَوْلَى بِهِمْ أَنْ يَفْرَحُوا بِهِ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُهُ النَّاسُ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيا الزَّائِلَةِ الفَانِيَةِ.

.تفسير الآية رقم (59):

{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59)}
{أَرَأَيْتُمْ} {وَحَلالاً} {ءَآللَّهُ}
(59)- نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ، إِنْكاراً عَلَى المُشْرِكِينَ، فِيمَا كَانُوا يُحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَهُ، مِنَ البَحَائِرِ وَالسَّوَائِبِ وَالوَصَائِلِ، وَقَدْ أَنْكَرَ اللهُ تَعَالَى فِعْلَ مَنْ حَرَّمَ مَا أَحَلَّ اللهُ، وَفِعْلَ مَنْ أَحَلَّ مَا حَرَّمَ اللهُ، بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ وَالهَوَى، وَلا مُسْتَنَدَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلا دَلِيلَ، لأنَّ حَقَّ التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ لا يَكُونُ إِلا للهِ، وَيَسْأَلُهُم اللهُ تَعَالَى عَمَّنْ أَذِنَ لَهُمْ بِهِ؟ هَلْ جَاءَهُمْ بِهِ وَحْيٌ مِنَ اللهِ، أَمْ أَنَّهُمْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ. وَبِمَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِهِ فَهُمْ مُفْتَرُونَ.
أَرَأَيْتُمْ- أَخْبِرُونِي عَنْ حَالِكُمْ.
أَذِنَ لَكُمْ- أَعْلَمَكُمْ بِهَذا التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ.
يَفْتَرُونَ- يُكْذِبُونَ فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَيهِ تَعَالَى.

.تفسير الآية رقم (60):

{وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60)}
{القيامة}
(60)- أَيُّ شَيءٍ يَكُونُ ظَنُّهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، الذِي تُجْزَى فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ؟ أَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يُتْرَكُونَ بِلا عِقَابٍ عَلَى جَرِيمَةِ افْتِرَاءِ الكَذِبِ عَلَى اللهِ، وَتَعَمُّدِهِ فِيمَا هُوَ خَاصٌّ بِرُبُوبِيَّتِهِ؟ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ فِي كُلِّ مَا خَلَقَهُ لَهُمْ مِنْ أَرْزَاقٍ، وَكُلِّ مَا شَرَعَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ جَعَلَ الأَصْلَ فِيمَا أَنْزَلَهُ إِلَيْهِمْ مِنَ الرِّزْقِ الإبَاحَةَ، وَهُوَ تَعَالَى لَمْ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ عَلى مَا كَانَ ضَارّاً بِهِمْ، وَحَصْرَ مُحَرَّمَاتِ الطَّعَامِ فِي أُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعَمِ وَالأَفْضَالِ.
وَجَاءَ فِي الحَدِيثِ: «إِذَا آتَاك اللهُ مَالاً فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَيْكَ وَكَرَامَتِهِ». رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.

.تفسير الآية رقم (61):

{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61)}
{تَتْلُواْ} {قُرْآنٍ} {كِتَابٍ}
(61)- يُخْبِرُ اللهَ تَعَالَى بِأَنَّهُ عَالِمٌ بَجِمِيعِ أَحْوَالِ رَسُولِهِ وَأُمُورِهِ، سَوَاءٌ مِنْهَا مَا هُوَ خَاصٌ بِهِ، أَوْ مَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِشُؤُونِ الدَّعْوَةِ، وَأَنَّهُ لا يَتْلُو مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ قُرْآنٍ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ اللهُ تَعَبُّداً وَتَهَجُّداً بِهِ، أَوْ تَبْلِيغاً لَهُ لِلنَّاسِ، وَلا يَقُومُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، مِنَ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمْ، بِعَمَلٍ صَالِحٍ أَوْ غَيْرِ صَالِحٍ، كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ، إِلا كَانَ اللهُ تَعَالَى رَقِيباً عَلَيْهِمْ فَيَحْفَظُهُ لَهُمْ، وَيَجْزِيهِمْ بِهِ، وَأَنَّهُ تَعَالَىلا يَغِيبُ عَنْ عِلْمِهِ شَيءٌ صَغُرَ أَوْ كَبُرَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ، فَكُلُّ شَيءٍ مُحْصًى عِنْدَهُ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.
تَكُونُ فِي شَأْنٍ- فِي أَمْرٍ هَامٍ مُعْتَنَى بِهِ.
تفِيضُونَ فِيهِ- تَشْرَعُونَ وَتَخُوضُونَ فِيهِ.
مَا يَعْزُبُ- مَا يَبْعُدُ- وَمَا يَغِيبُ.
مِثْقَالِ ذَرَّةٍ- وَزْنِ ذَرَّةٍ.

.تفسير الآية رقم (62):

{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)}
(62)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ أَوْلِيَاءَهُ، وَهُمُ الذِينَ آمَنُوا وَاتَّقَوا وَأَخْلَصُوا العِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ، وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ، لا خَوْفٌ عَلَيهِمْ مِمَّا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ الآخِرَةِ، وَلا يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوهُ وَرَاءَهُمْ فِي الدُّنْيَا.

.تفسير الآية رقم (63):

{الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}
{آمَنُواْ}
(63)- وَيَقُولُ تَعَالَى مُعَرِّفاً (أَوْلِيَاءَ اللهِ): بِأَنَّهُمُ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ، وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، وَكَانُوا يَتَّقُونَ اللهَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمْ، وَيُرَاقِبُونَهُ فِي سِرِّهِمْ وَعَلانِيَّتِهِمْ، فَلا يَقُومُونَ إِلا بِمَا يُرْضِي اللهَ رَبَّهُمْ.

.تفسير الآية رقم (64):

{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64)}
{الحياة} {الآخرة} {لِكَلِمَاتِ}
(64)- وَهَؤُلاءِ المُؤْمِنُونَ المُتَّقُونَ، لَهُمُ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا بِالنَّصْرِ وَالعِزَّةِ، وَبِإِلْهَامِهِم الحَقَّ وَالخَيْرَ، وَبِالاسْتِخْلافِ فِي الأَرْضِ مَا أَقَامُوا شَرْعَ اللهِ، وَنَصَرُوا دِينَهُ الحَقَّ، وَأَعْلَوا كَلِمَتَهُ وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ البُشْرَى فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا العَبْدُ، أَوْ تُرَى لَهُ، وَهِيَ فِي الآخِرَةِ الجَنَّةُ». رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عن رَسول الله صلى الله عليه وسلم. وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللهِ لا يُبَدَّلُ (لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ)، وَلا يُغَيَّرُ وَلا يُخْلَفُ، بَلْ مُقَرَّرٌ ثَابِتٌ كَائِنٌ لا مَحَالَةَ. وَهَذِهِ البُشْرَى بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ هِيَ الفَوْزُ العَظِيمُ.

.تفسير الآية رقم (65):

{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65)}
(65)- يَقُولُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم: لا يُحْزِنُكَ مَا يَقُولُهُ المُشْرِكُونَ بِحَقِّكَ، وَلا تَهْتَمَّ بِهِ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ عَلَيْهِمْ، وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ، فَإْنَّ العِزَّةَ وَالقَهْرَ وَالغَلَبَةَ للهِ وَحْدَهُ، وَلا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْ دُونِهِ شَيْئاً مِنْهَا، وَهُوَ يَهَبُهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ وَعَدَ بِهَا رُسُلَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ وَعِبَادَهُ المُؤْمِنِينَ، وَهُوَ السَّمِيعُ لِمَا يَقُولُونَهُ مِنْ تَكْذِيبِ الحَقِّ، وَهُوَ العَلِيمُ بِمَا يَفْعَلُونَ مِنْ إِيذَاءٍ وَكَيدٍ، وَسَيُجَازِيهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ أَوْفَى الجَزَاءِ.
إِنَّ العِزَّةَ لله- إِنَّ القَهْرَ وَالغَلَبَةَ للهِ تَعَالَى فِي مُلْكِهِ.

.تفسير الآية رقم (66):

{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66)}
{السماوات}
(66)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ مَالِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَأَنَّ مَنْ فِيهِمَا عَبِيدٌ لَهُ، وَهُوَ مَالِكُ كُلِّ شَيءٍ، وَلا مَالِكَ لِشَيءٍ سِوَاهُ، فَكَيْفَ يَكُونُ إِلهاً مَعْبُوداً مَا يَعْبُدُهُ هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ مِنَ الأَوْثَانِ وَالأَصْنَامِ؟ وَهَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ الذِينَ يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللهِ، وَيَدْعُونَهُمْ فِي الشَّدَائِدِ، وَيَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِمْ بِالقَرَابِينِ، لا يَتَّبِعُونَ شُرَكَاءَ للهِ، لأَنَّهُ تَعَالَى لا شَرِيكَ لَهُ، وَهُمْ لا يَتَّبِعُونَ فِي الحَقِيقَةِ فِيمَا يَقُولُونَهُ إلا الظَّنَّ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّ هَؤُلاءِ أَوْلِيَاءُ اللهِ، وَشُفَعَاءُ عِنْدَهُ، وَوُسَطَاءُ لَدَيْهِ، وَهُمْ فِي اتِّبَاعِ الظَّنِّ لَيْسُوا إِلا مُتَخَرِّصِينَ يَقُولُونَ بِغَيْرِ عِلْمٍ.
التَّخَرُّصُ- التَّقْدِيرُ لِلشَّيءِ الذِي لا يَجْرِي عَلَى قِيَاسٍ، كَتَقْدِيرِ مَا عَلَى الشَّجَرَةِ مِنْ ثِمَارٍ.

.تفسير الآية رقم (67):

{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67)}
{الليل} {لآيَاتٍ}
(67)- وَاللهُ هُوَ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ لِيَسْكُنَ فِيهِ النَّاسُ، وَيَسْتَرِيحُوا فِيهِ مِنْ نَصَبِهِمْ وَتَعَبِهِمْ، وَجَعَلَ لَهُمُ النَّهَارَ مُضِيئاً (مُبْصِراً) يَسْتَطِيعُونَ الإِبْصَارَ فِيهِ لِيَسْعَوا فِي تَأْمِينِ رِزْقِهِمْ وَمَعَاشِهِمْ، وَقَضَاءِ مَصَالِحِهِمْ، وَفِي ذَلِكَ الاخْتِلافِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَبَيْنَ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِمَا، لآيَاتٌ وَبَرَاهِينُ عَلَى وُجُودِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ وَعَظَمَّتِهِ، لِقَومٍ يَسْمَعُونَ مَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ مِنَ التَّذْكِيرِ بِحِكْمَتِهِ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، وَيَسْتَدِّلُونَ بِهَا عَلَى عَظَمَةِ الخَالِقِ.

.تفسير الآية رقم (68):

{قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68)}
{سُبْحَانَهُ} {السماوات} {سُلْطَانٍ}
(68)- يَقُولُ اللهُ تَعَالَى مُتَنَكِّراً عَلَى مَنِ ادَّعَى أَنَّ للهِ وَلَداً: إِنَّهُ تَقَدَّسَ اسْمُهُ وَتَنَزَّهَ غَنِيٌّ عَمَنْ سِوَاهُ، وَكُلُّ شَيءٍ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ مِمَّا خَلَقَ، وَكُلُّ شَيءٍ مَمْلُوكٌ لَهُ وَعَبْدٌ؟ ثُمَّ يَقُولُ تَعَالَى: لَيْسَ لَدَيْكُمْ أَيُّها المُتَخَرِّصُونَ المُفْتَرُونَ مِنْ دَلِيلٍ (سُلْطَانٍ)، عَلَى مَا تَقُولُونَ مِنْ كَذِبٍ وَبُهْتَانٍ. ثُمَّ يَسْتَنْكِرُ تَعَالَى قَوْلَ مَنْ يَقُولُونَ بِلا عِلْمٍ، وَلا بِيِّنَةٍ يُؤَيِّدُونَ بِهَا صِحَّةَ قَوْلِهِمْ (إِنَّ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ)، فَكَيْفَ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ قَوْلاً لا تَعْلَمُونَ حِقِيقَتَهُ وَتَنْسِبُونَهُ إِلَيْهِ؟
مِنْ سُلْطَانٍ- مِنْ حُجَّةٍ أَوْ بُرْهَانٍ أَوْ دَلِيلٍ.
سُبْحَانَهُ- تَنَزَّهَ اسْمُهُ وَتَقَدَّسَ.

.تفسير الآية رقم (69):

{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69)}
(69)- وَيَتَوَعَّدُ اللهُ تَعَالَى المُفْتَرِينَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ، مِمَّنْ زَعَمُوا أَنَّ لَهُ وَلَداً أَوْ شُرَكَاءَ، بِأَنَّهُمْ لا يُفْلِحُونَ فِي الدُّيْنا، لأَنَّهُ تَعَالَى إِذَا مَتَّعَهُمْ فِي الدُّنْيَا قَلِيلاً فِإِنَّهُ يَسْتَدْرِجُهُمْ بِذلِكَ، ثُمَّ يَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ، كَمَا أَنَّهُمْ لا يُفْلِحُونَ فِي الآخِرَةِ لأَنَّهُمْ سَيَكُونُونَ وَقُودَ جَهَنَّمَ.

.تفسير الآية رقم (70):

{مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70)}
{مَتَاعٌ}
(70)- إِنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ فِي الدُّنْيا الفَانِيَةِ، وَمَتَاعُهُمْ فِيهَا قَلِيلٌ حَقِيرٌ، مُدَّةَ حَيَاتِهِم القَصِيرَةِ فِي الدُّنْيا، ثُمَّ يُرْجَعُونَ إِلَى اللهِ فَيُذِيقَهُمْ فِي الآخِرَةِ العَذَابَ الشَّدِيدَ المُؤْلِمْ، بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللهِ الكَذِبَ فِيمَا ادَّعُوا مِنَ الإِفْكِ وَالبُهْتَانِ.

.تفسير الآية رقم (71):

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)}
{ياقوم} {بِآيَاتِ}
(71)- يُسَلِّي اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَمَّا يُلاقِيهِ مِنْ إِيذَاءِ قَوْمِهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ بِمَا يَقُصُّهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ السَّابِقِينَ. وَيَبْدَأُ تَعَالَى بِقِصَّةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَيَقُولُ تَعَالَى: أَخْبِرْ يَا مُحَمَّدُ كُفَّارَ مَكَّةَ الذِينَ يُكَذِبُونَكَ خَبَرَ نُوحٍ مَعْ قَوْمِهِ الذِينَ كَذَّبُوهُ، كَيْفَ أَهْلَكَهُمُ اللهُ، وَدَمَّرَهُمْ بِالغَرَقِ أَجْمَعِينَ، وَلَيْحَذَرْ هَؤُلاءِ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِنَ البَلاءِ وَالهَلاكِ وَالدَّمَارِ مَا أَصَابَ أُوْلَئِكَ.
لَقَدْ قَالَ نُوحٌ لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ ثَقُلَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي بَيْنَكُمْ (كَبُرَ)، وَإِنْ شَقَّ عَلَيْكُمْ تَذْكِيرِي إِيَّاكُمْ بِآيَاتِ اللهِ، وَحُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ، فَإِنِّي قَدْ وَكَّلْتُ أَمْرِي إِلَى اللهِ الذِي أَرْسَلَنِي، وَاعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَإِنِّي لا أُبَالِي بِكُمْ، وَلا أَكُفُّ عَنْكُمْ، سَوَاءَ عَظُمَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي أَوْ لا، فَاجْتَمِعُوا أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ، مِنَ الأَصْنَامِ الذِينَ تَدْعُونَهُمْ، وَلا تَتْرُكُوا أَمْرَكُمْ مُلْتَبَساً عَلَيْكُمْ (غَمَّةً)، بَلْ كُونُوا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهُ، لِكَيْلا تَتَحَوَّلُوا عَنْهُ، وَافْصِلُوا أَمْرَكُمْ مَعِيَ، فَإِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ مُحِقُّونَ فَاقْضُوا إِلَيَّ، وَافْعَلُوا مَا تَسْتَطِيعُونَ، وَلا تُؤَخِرُونِي سَاعَةً وَاحِدَةً (وَلا تُنْظِرُونَ).
كَبُرَ عَلَيْكُمْ- إَقَامَتِي بَيْنَكُمْ دَهْراً طَوْيلاً.
فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ- اعْزِمُوا وَصَمِّمُوا عَلَى كَيْدِكُمْ.
وَشُرَكَاءَكُمْ- مَعَ شُرَكَائِكُمْ.
غَمَّةً- ضِيقاً شَدِيداً، أَوء مُلْتَبَساً مُبْهَماً.